في هذه الايام يشهد المشهد العراقي ثمة انقسامات في صفوف الصدريين
فقد رأى البعض أنها ربما تكون لغايات و أهداف سياسية من بينها تشجيع رغبة قسم من قادة التيار و المجاميع الخاصة و من يختلفون مع الصدر على فرز أنفسهم كقوة يمكن أن تضمن لها حقوق سياسية و يجري التعامل معها بعيدا عن قيادة التيار الحالية .
المتابع لحركة التيار الصدري منذ 2004 و حتى اللحظة له أن يخرج بانطباعين يشكلان ركيزة لقناعة تُقَارب من خلالها قضية الانشقاقات التي يجري الحديث عنها ، الأول إن التيار الصدري هو تشكيل مترهل عفوي الولاء لمقتدى الصدر لا توجد له رؤية سياسية توحد أفراده و أتباعه و أغلب مواقفهم هي ردود فعل تقترب من السذاجة والعنجهية
و الثاني هو أن الحديث عن الانشقاقات في التيار الصدري كثيرا ما كانت تصدق بقدر أو بآخر ، ففي نهاية عام 2005 تناقلت وسائل إعلام مختلفة حصول انشقاق للصدريين عن طريق كسب إيران لعناصر و مشايخ لهم أتباعهم في العراق للعمل كمجاميع متطرفة لقتل وايذاء الحلاقين والمتبرجات والسافرات وما شابه
وقتها لم يكن هذا الحديث ليقنع الكثيرين بسبب أن العنف الذي كان يضرب البلاد يربك أية فرصة لمعرفة من يحمل السلاح لصالح هذه الجهة أو تلك و من لا يعمل لصالحها ؟ لكن بمرور الوقت ثبت أمر المجاميع الخاصة التي جرى في البداية إلصاقها ببعض القوى السياسية ثم بولائها المجرد لإيران ثم العودة لاعتبارها من عناصر صدرية متطرفة في حين تأكد و منذ عام 2006 أنها تنتمي بغالبيتها العظمى للتيار الصدري نفسه و أن التيار لم يظهر أهمية لاتهامه بأن تلك المجاميع من عناصره و مواليه .
هذه الخلفية تجعل من إمكانية تواصل الانقسامات داخل التيار أمرا شبه حتمي و تزيدها عدة عوامل راهنة و مستقبلية ، نذكر منها الآتي :
مع بدء خفت المقاومة المسلحة في العراق ولو بشكل ما ، فإن متغيرات لا شك كبيرة سوف تحدث تتمحور أساسا حول المواقف الجديدة و بوصلة التوجهات القادمة للعناصر التي أصرت على حمل السلاح بدافع حقيقي أو بحجة زائفة في المقاومة . هذه القوى ستكون أمام مفترق طرق في الأخذ بخيار للمرحلة القادمة ، و التخمين لا يترك سوى اتجاهين متوقعين الأول الاستمرار بحمل السلاح بوجه الحكومة العراقية لفرض السيطرة بالقوة على مناطق نفوذ سبق إزاحتها عنها . و الثاني هو التخلي عن السلاح و الانشغال على واقع العمل السياسي . في كلا الحالين يتوقع أن تحدث انشقاقات واضحة و تظهر جلية وجهات النظر المتباينة التي كانت مختبئة تحت ضغوط المواجهة في المراحل السابقة . لا سيما و أن قادة المجاميع الخاصة و التشكيلات المسلحة التي تدين بالولاء للصدر شخصيا أو عقائديا ستطمح وهي طامحة بالفعل للبروز و شغل مواقع مؤثرة و مع صعوبة إشغالها لمواقع كهذه من داخل بنية التيار فالخيار سيبقى في بروزها بمعزل عن الولاء التقليدي له .
الثاني : النتيجة السابقة قرأتها حكومة السيد المالكي و على خلفية تعرقل نشوء تحالف استراتيجي بين حزب الدعوة و التيار الصدري فإن من الضروري للمالكي العمل على استقطاب قيادات من داخل التيار و التشجيع على انقسامها و عزلها عن الصدر و وضع ذلك كجزء من جهود ما بات يعرف بالمصالحة الوطنية التي تبدو أنها تسير باتجاه مصلحي أكثر من كونها حاجة وطنية أو لنقل أنها من الصعوبة أن تتخذ مسارا آخر مع واقع أن هذه ( المصالحة ) تأتي كحراك سياسي لرئيس الوزراء نفسه لا بد أن تأخذ بنظر الاعتبار لديه مصالحه الحزبية و الحكومية
ثالثا : من العوامل الأخرى التي تقرّب حدوث انقسامات في التيار الصدري هو اقتراب مقتدى الصدر من تغيير عنوانه الديني و توقع إعلان حصوله على الاجتهاد خلال الاسبوع الاول من شهر رمضان الأمر الذي تتخوف منه جهات دينية و سياسية من أن يؤدي ذلك لا محالة إلى فك ارتباطه مع رجال دين معينين يمثلون مرجعا للصدر و أتباعه و بوابة للإملاءات و التوجيهات السياسية و يصبح مستقلا في اتخاذ قراراته لا سيما السياسية لتياره .
رابعا : بعد وصول الصدريين إلى مجالس المحافظات و تحقيقهم مراتب متقدمة في الانتخابات المحلية فإن من المتوقع أن الوقت لن يطول كثيرا ليفقد التيار المزيد من التأييد في الشارع حاله حال الكثير من القوى السياسية نتيجة للمزاج المستحكم لدى المواطن العراقي الذي سرعان ما تحترق لديه الآمال و يزيد الطين بلة بخصوص الصدريين أنهم لا يمتلكون أية تجربة سابقة في الإدارة و تبوء المسؤوليات المختلفة من جهة و من جهة أخرى حماقة العديد من أتباع التيار و تصرفاتهم غير المسؤولة فسيميل بعض هؤلاء لاستغلال نفوذ تيارهم للقيام بأعمال يضيق بها المواطنون ما يعني اتساع فرصة وقوعهم نهبا لنار التجربة القادمة . هذا الأمر سيؤدي إلى ظهور اعتراضات من داخل قاعدة التيار الصدري ستتبلور مع الوقت إلى تيارات صغيرة يجذب كل منها الأمور باتجاه مختلف عن الآخر .
لهذا و غيره من العوامل و الأسباب راي المراقب للشأن السياسي أن الانشقاقات في التيار الصدري حصلت بقوة فإن الظروف الانقسامية الحالية و حجم التغيرات في البيئة السياسية سيؤدي إلى انفجار في لحظة ما للتيار و تشظيه لتيارات أصغر . وهذا حال التجمعات التي تبنى على اساس باطل وخطأ فان مصيرهم الشقاق والتشتت وخاصة ما نراه الان من صراع بين الشيخ الدراجي ومقتدى على زعامة التيار الصدري . والقادم اصعب على التيار فان مصيرهم الزوال الى ابد الابدين .
موضوع: مقتدى الصدر وتياره قريبأ الى التشظي 
الإثنين أغسطس 24, 2009 9:05 pm