منتديات الإمام الرضا عليه السلام
الأسلوب النفسي لمكافحة الجريمة في القرآن الكريم *  613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الأسلوب النفسي لمكافحة الجريمة في القرآن الكريم *  829894
ادارة المنتدي الأسلوب النفسي لمكافحة الجريمة في القرآن الكريم *  103798
منتديات الإمام الرضا عليه السلام
الأسلوب النفسي لمكافحة الجريمة في القرآن الكريم *  613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الأسلوب النفسي لمكافحة الجريمة في القرآن الكريم *  829894
ادارة المنتدي الأسلوب النفسي لمكافحة الجريمة في القرآن الكريم *  103798
منتديات الإمام الرضا عليه السلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الإمام الرضا عليه السلام


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الأسلوب النفسي لمكافحة الجريمة في القرآن الكريم *

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الحيدري




عدد المساهمات : 13
تاريخ التسجيل : 27/01/2011

الأسلوب النفسي لمكافحة الجريمة في القرآن الكريم *  Empty
مُساهمةموضوع: الأسلوب النفسي لمكافحة الجريمة في القرآن الكريم *    الأسلوب النفسي لمكافحة الجريمة في القرآن الكريم *  I_icon_minitimeالسبت يناير 29, 2011 5:33 pm




بسم الله الرحمن الرحيم
الجريمة : ما يقترفه الجاني من جرم في حق نفسه أو أُسرته أو مجتمعه ، أو وطنه أو قومه .
قال الخليل بن أحمد الفراهيدي ( ت : 170 هـ ) : وفُلانٌ له جَريمةٌ ، أي : جُرمٌ ، وهو مصدر الجارِم الذي يَجْرِمُ على نَفسِه وقَومِه شَرّاً . والجُرْمُ : الذِّنبُ ، وفِعْلُه الإِجْرام ، والمُجْرمُ : المُذْنِب ، والجارِمُ : الحاني (1) .وكذا في لسان العرب . فالجريمة هي الجرم مصدر الجارم ، ويأتي بما أورد الخليل لا يزيد عليه (2) .
وقد وردت الجريمة ـ مادةً ـ في القرآن الكريم أكثر من ستين مرة ، ولم ترد بلفظها ولا مرة واحدة (3) . وردت الألفاظ الآتية : الإجرام ، أجرمنا ، أجرموا ، تجرمون ، مجرمون ، مجرمين ، مجرميها ، من هذه المادة للدلالة على اسم المصدر : الجريمة .
في هذه الألفاظ عَرَض القرآن الكريم لسيماء المجرمين ، وأوصافهم ، وحالاتهم وأعمالهم ، وحَسَرَاتِهم ، ومفارقاتهم ، وصورهم ، وإنذارهم ، وتحذيرهم ، وإرشادهم عن غيِّهم ، ووازنهم بسواهم من الصالحين والمسالمين والبَرَرَة .
هذا الحشد الهائل من المفردات يتَّسع لأكثر من بحث موضوعي ، وهنا نستطيع أن نلمس فيه صورة متميِّزة أخَّاذة للأسلوب النفسي الذي اعتمده القرآن العظيم لمكافحة الجريمة ؛ من خلال التأثر والتأثير في الوعد والوعيد والترغيب والترهيب والإصلاح .
الإجرام كما يصوِّره لنا القرآن الكريم ذو ظاهرتين :
الظاهرة الأُولى : الإجرام الفردي ، وهو الذي يتحدَّث به عن المجرم ذاته ، ويُراد به كل جنس المجرم أنّى كان جُرمه ، ويمثِّله قوله تعالى :
أ ـ ( يُبَصَّرُونَهُم يَوَدَّ المُجرِمُ لَو يَفتَدِى مِن عَذَابِ يَومِئِذٍ بَبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ) (4) .
ب ـ ( إِنَّهُ مَن يَأتِ رَبَّهُ مُجرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحيَى ) (5) .
وقد يبرز الإجرام الفردي في هذا المَلْحَظ مزعوماً دون جريمة ، كقوله تعالى : ( قُل إِنِ افتَرَيتُهُ فَعَلَىَّ إِجرَامِي وَأَنَا بَرِيءُُ مِّمَّا تُجرِمُونَ ) (6) .
فليس هناك افتراء ، وليس هناك إجرام ، ولو ثبت الافتراء افتراضاً لتحقَّق الإجرام ، ولو تحقَّق الإجرام ، فلا تُؤخذون بجرمي ولا أؤخذ بجرمكم ، وفيه تأكيد على إجرام الكافرين فيما يبدو .
الظاهرة الثانية : الإجرام الجماعي ، وهو الذي يتحدَّث به القرآن عن الجماعات المجرمة في مقارفتها الجريمة ومعايشتها ، ويمثِّله قوله تعالى :
أ ـ ( سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجرَمُوا صَغَارٌ عِندَ آللهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمكُرُونَ ) (7) .
ب ـ ( إِنَّ الَّذِينَ أَجرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا يَضحَكُونَ ) (Cool .
جـ ـ ( وَكَذَلِكَ جَعَلنَا فِي كُلِّ قَريَةٍ أَكَابِرَ مُجرِمِيهَا لِيَمكُرُوا فِيهَا ) (9) .
بعد تشخيص هاتين الظاهرتين ، نجد القرآن متحدِّثاً عن سمات المجرمين وأوصافهم في كل من النشأتين ، الحياة الأُولى والحياة الآخرة . وتبدأ مشخَّصات الجريمة في القرآن بالقتل المتعمَّد ، وبقطع الطريق ، وبالسرقة ، وبالزنا ، وكبائر المحرَّمات ، وأُحاول فيما يلي إلقاء الضوء على بعض هذه المفردات ، ومعالجتها في القرآن نفسياً ، دون الدخول في التفصيلات المضنية :
1 ـ القتل : يُعتبر القتل من أبشع الجرائم في القوانين السماوية ، وهو كذلك في القوانين الوضعية ، وقد حدَّد الله تعالى هذا المعلم بأسبابه ودوافعه ونتائجه ، وهو نوعان : قتل العمد ، وقتل الخطأ ، ولهما في الشريعة الإسلامية حدود في القصاص والديات ، ولا يتعلَّق حديثنا بمثل هذه الحدود ، وإنَّما بالمشخَّصات الجُرمية فحسب .
أ ـ قال تعالى : ( وَلاَ تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِ وَمَن قُتِلَ مَظلُومًا فَقَد جَعَلنَا لِوَلِيّهِ سُلطَنًا فَلاَ يُسرِف فِي القَتلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً ) (10) .
فقد حدَّدت هذه الآية عدّة معالم لحالة القتل :
الأولى : عدم جواز قتل النفس التي حرم الله إلاّ بالحق .
الثانية : مَن قتل مظلوماً فلوليِّه الحق بالقصاص .
الثالثة : الاكتفاء في المقاصَّة الشرعية عن الإسراف .
وقد كرّر تعالى الملاحظة الأُولى في آية أخرى ، فقال : ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (11).
ب ـ وفيما اقتص الله تعالى من خير ابني آدم ، حُدِّدت معالم أخرى لجواز القتل وحرمته مع الإرشاد الموحى ، قال تعالى : ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ) (12) .
وتُحدِّد استنباطات الفقهاء أنّ القتل يجب في مواضع الكفر بعد الإيمان على تفصيل به في مسألة الارتداد ، والزنا بعد الإحصان ، والفساد في الأرض كالعصابات المسلحة ، وقطَّاع الطُّرق ، وفي حالة القصاص .
والأول والثاني مستفادان من السُّنة الشريفة ، والثالث والرابع من النص القرآني السابق . وقد عالج القرآن ظاهرة القتل المتعمد نفسيّاً في عدة ملامح تحذيرية وترغيبية وإصلاحية .
أولاً : حذَّر القرآن الكريم من قتل الأولاد خشية الفقر ؛ بأن ربط الرزق بالله ، فنها عن القتل لهذا المَلْحَظ فقال في آيتين :
أ ـ ( وَلاَ تَقتُلُوا أَولَدَكُمُ مِّن إِملاَقٍ نَّحنُ نرزُقُكُم وَإِيَّاهُم ) (13) .
ب ـ ( وَلاَ تَقتُلُوا أَولَدَكُم خَشيَةَ إِملاَقٍ نَّحنُ نَرزُقُهُم وَإِيَّاكُم ) (14) .
ويلاحظ هنا الذوق البلاغي في القرآن إذ استعمل في آية الأنعام : ( مِّن إِملاَقٍ ) ، وفي آية الإسراء : ( خَشيَةَ إِملاَقٍ ) . وفي الأُولى قدَّم ضمير الخطاب ( نرزُقُكُم ) على ضمير الغائب ( إِيَّاهُم ) ، وفي الثانية عكس الأمر ، فاستعمل مكان المخاطب الغائب ( نَرزُقُهُم ) ، ومكان الغائب المخاطب ( إِيَّاكُم ) وهو مَلحَظ دقيقٌ ، تفصيله في غير هذا البحث .
ثانياً : الإنكار الشديد بصيغة الاستفهام ، قال تعالى : ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) (15) .
ثالثاً : الوعيد بالخلود في النار ، وغضب الله تعالى ولعنه وهو أشد ، وإعداد العذاب العظيم وهو أقطع ، ويُمثِّل هذا الاتجاه قوله تعالى : ( وَمَن يَقتُل مُؤمِنًا مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَلِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) (16) .
رابعاً : الثناء المطلق والوعد الجميل مع الوعيد باعتبار الذين يتَّصفون بعدم القتل من عباد الرحمن ، قال تعالى في صفتهم : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً ) (17) .
خامساً : التبكيت والتسفيه والخسران فيما قال تعالى : ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (18) .
وهكذا نجد القرآن العظيم قد استقطب مختلفَ الأساليب لدرء جريمة القتل بين الوعد والوعيد وتهيئة المناخ النفسي ليطمئن المجتمع وتُصان الأرواح .
2 ـ السرقة : لقد حدّد القرآن حكم السرقة ، واعتبرها من الجرائم التي يُعاقب عليها بقطع اليد بنص قوله تعالى : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (19) .
هذا الحكم له حدود وله قيود في تعيّن مبلغ السرقة ، وهوية السارق ، ومكان القطع ، وللفقهاء فيه كلام طويل ، وكذلك الحال في نوعية السرقة غصباً أو سلباً أو أغَارَ سراً أو علانية ، لكن المهم هو وقع الحكم على الأسماع وشدته لدى التنفيذ ، وهذا ما دفع بحملة من الأُوربيين والمستشرقين إلى تصوير الإسلام بأنَّه دين وحشي . وليس الأمر كذلك ؛ لأنّ الظروف المعيشية التي سخّرها الله لعباده ، هي أكبر وأكثر من ظروف الاعتداء على أموال الآخرين ، ولأنَّ الأمانة سر من أسرار الخليقة ، يعود الإنسان بدونها متردياً للحضيض الأوهد . ويحضرني في ردّ هذه الشبهة ، ما أبانه أبو العلاء المعري ، متسائلاً عن حكمة قطع اليد بقوله :


يَدٌ بِخَمسِ مِئينَ عَسجَدٍ فُدِيَت ما بالُها قُطِعَت في رُبعِ دينارِ
فأجابه السيد المرتضى علم الهدى ( ت : 436 هـ ) :


عزُّ الأمانةِ أغلاها وأرخصها ذلُّ الخيانةِ فانظر حكمة الباري

3 ـ الزنا ، وهو جريمة يقاربها من لا عائلة له يحافظ على شرفها ، ولا زوجة يصون حرمتها ، ولا بنت يغار عليها ، ولا أخت يثأر لكرامتها ؛ لأنّ الزنا دين كما يقول العرب ، و ( كما تدين تُدان ) . وقد جعل الله سبحانه وتعالى في الزواج غنى عن هذه الجريمة الخُلقية في أمراضها وأضرارها ونتائجها . قال تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) (20) .
وقد عالج القرآن هذه الظاهرة عملياً بالطُّرق الشرعية المسنونة ، وشدَّد عليها عقاباً في البكر فقال تعالى : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجلَدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنهُمَا مِائَةَ جَلدَةٍ وَلاَ تَأخُذكُم بِهِمَا رَأفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللهِ وَاليَومِ الأَخِرِ وَليَشهَد عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ المُؤمِنِينَ ) (21) .
ثمَّ هزَّ القرآن الكريم الحَمِيَّة والغيرة والكرامة ، وأنَّه ليربأ بالنفس الإنسانية عن هذا المسلك الوخيم فقال تعالى : ( الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَ زَانِيَةً أَو مُشرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكَحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَو مُشرِكُُ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المُؤمِنِينَ ) (22) ؛ لهذا كان قذف المحصنات والتشهير بالنساء البريئات من المحرمات التي يعاقب عليها الله تعالى ، وانظر إلى قوله : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (23) .
ولنبتعد قليلاً عن هذا المناخ إلى عظمة قوله تعالى في صدِّ هذا المناخ : ( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (24) .
أثرى الهدوء النفسي والاطمئنان الروحي مهيِّئاً بالزنا وبالمحرمات الأخرى كاللواط والسِّحاق والعادة السرية ، إنَّها لموبقات حقاً . ( وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) (25) ، ألاَّ تنظر إلى قوله تعالى وهو يرغِّب بنعيم الجنَّة في ملذَّاتها الحسِّية : ( وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَلِدُونَ ) (26) ، وإلى قوله تعالى : ( وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) (27) .
إنَّني أدعو الشباب المثقَّف إلى الزواج بسن مبكِّرة من أجل مكافحة جريمة الزنا ، فالزواج المبكِّر سُنّة سار عليها سلفنا الصالح ، وأدعو الآباء والأُمهات إلى التخفيف من غلاء المهور وشروط الزواج ، فالمسلم كُفء المسلمة ، قال تعالى : ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُم إِن يَكُونُواْ فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهَ وَسِعٌ عَلِيمٌ ) (28) . والزواج حاجة يحتاج إليها الشباب بخاصة كالاحتياج إلى الأكل والشرب بالضبط ، ولا حياء في الدين (29) .
4 ـ كبائر المحرَّمات : وهي عبارة عن المحرَّمات التي ذكرها الكتاب العزيز ونصَّ عليها علماء التشريع الإسلامي ، ممَّا يُعتبر الوقوع فيها منافياً لعدالة المسلم ووصفه بالفسق حيناً ، وبالكفر حيناً آخر . ولسنا في صدد عدِّها ، فمنها : عقوق الوالدين ، أكل مال اليتيم ، أكل الربا ، شهادة الزور ، كتمان الشهادة ، شرب الخمر ، ترك ما فرض الله تعمُّداً ، ما تقدَّم من قتل النفس المحترمة والزنا والسرقة ، قطيعة الرحم ، الكذب ، أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهلَّ به لغير الله ، والقمار ، وأكل السحت ، والرشوة ، والبخس في المكيال والميزان ، والغيبة ، والنميمة ، والبهتان ، وغش المسلمين ، وأمثال ذلك ممَّا يعتبره القرآن جريمة يعاقب عليها في الدنيا أو الآخرة .
وهنا نلقي نظرة فاحصة لسبيل مكافحة الجرائم بتلميح موجز يتعلَّق بإصلاح المجتمع والنفس الإنسانية ، والعودة بها إلى الفطرة الخالصة النقية من كل ضُرٍّ وشائبة ؛ وذلك أنَّنا في كثير من الدول النامية نعيش أزمة أخلاقية تأثَّرت بمفاهيم الغرب غير الدقيقة ، هذه المفاهيم هي التي تُؤدِّي إلى الجريمة . فالخروج عن التقاليد العربية الأصيلة ، والابتعاد عن واقع الرسالة الإسلامية المقدَّسة ، والتهوُّر ضد الأعراف الإنسانية النبيلة ، كل أولئك ممَّا يوقع في هذه الجرائم آنفة الذكر .
الولد ـ مثلاً ـ لا يعرف قيمة والديه ، والطالب لا يقدِّر جهود مربِّيه ، والصديق يعامل صديقه بالأَثَرَة لا الإيثار ، والأخ يضرب صفحاً عن أخيه ، والجار يطوي كشحاً عن جاره ، والكذب والبهتان والنميمة ديدن الكثيرين ، و( أفضل الناس من شغلته عيوبه عن عيوب الآخرين) ؛ فلسنا معصومين ، والتفاهم في لغة المحبَّة والأخوُّة الصادقة عاد ضرباً من الهذيان ، و ( حب لأخيك ما تحب لنفسك ) ليست من أخلاقنا ، والكلمة الطيبة صدقة نُسخت من معجمات الحديث الشريف ، و ( وَتَعَاونُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ ) (30) كأنَّها ليست من كتاب الله .
وقوله تعالى : ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) (31) لا نجد مفهوماً لها في تعاملنا مع الناس .
وقوله تعالى : ( فَبِمَا رَحمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُم وَلَو كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ القَلبِ لاَنفَضُّوا مِن حَوْلِكَ ) (32) ، كأنَّه ليس من أخلاق رسولنا العربي الأمين ، حتى عاد التواضع ضعة واللين ضعفاً ، والأخلاق تملُّقاً ، والحديث ثرثرة والأدب عدم اتزان ، إنَّ درء المفاهيم الخاطئة ، وهذه المتخلفات الذهنية ، هو الذي أن نحارب الجريمة ، ونكافح انتشارها وإلاَّ فنحن في عداد المجرمين ( إِلاَّ أَصْحَابَ اليَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ المُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) (33).
قال الزمخشري ( ت : 538 هـ ) : ( ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) ليس ببيان للتساؤل عنهم ، وإنَّما حكاية قول المسؤولين عنهم ، لأنَّ المسؤولين يلقون إلى السائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين ، فيقولون ، إلاَّ أنَّ الكلام جيء به على الحذف والاختصار كما هو نهج التنزيل في غرابة نظمه ) (34) .
وإذا لم يكافح كل منا الجريمة من موقعه ، والأنانية الذاتية في داخله ، والقوقعة على النفس ، كان ما قدَّمناه كلاماً فارغاً لا يُسمن ولا يُغني من جوع .
وما توفيقي إلاَّ بالله العلي العظيم ، عليه توكَّلت وإليه أنيب ، وهو حسبنا ونِعم الوكيل .
ــــــــــــــــــ
* أُلقي في المؤتمر العلمي الرابع المنعقد في كلية الفقه في النجف ، بشعار : ( دور العقيدة والتشريع الإسلامي في مكافحة الجريمة ) بتأريخ : 17 ـ 18 مايس 1989 ، ونشر في : وقائع مؤتمر إعجاز القرآن ، نيسان 1990 / بغداد .
** اقتباس " قسم المقالات في شبكة الإمامين الحسنين ( عليهما السلام ) " من کتاب : " نظرات معاصرة في القرآن الكريم " .
(1) الخليل ، العين : 6 / 118 ـ 119 .
(2) ظ : ابن منظور ، لسان العرب : 14 / 375 .
(3) ظ : محمد فؤاد عبد الباقي ، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم : مادة ( جرم ) .
(4) المعارج : 16 .
(5) طه : 74 .
(6) هود : 35 .
(7) الأنعام : 124 .
(Cool المطَّففين : 29 .
(9) الأنعام : 123 .
(10) الإسراء : 33 .
(11) الأنعام : 151 .
(12) المائدة : 32 .
(13) الأنعام : 151 .
(14) الإسراء : 31 .
(15) التكوير : 8 ـ 9 .
(16) النساء : 93 .
(17) الفرقان : 68 .
(18) الأنعام : 14 .
(19) المائدة : 38 .
(20) الإسراء : 32 .
(21) النور : 2 .
(22) النور : 3 .
(23) النور : 4 .
(24) الروم : 21 .
(25) طه : 131 .
(26) البقرة : 25 .
(27) آل عمران : 15 .
(28) النور : 32 .
(29) ظ : للتفصيل في الحث على الزواج ، عز الدين بحر العلوم : الزواج في القرآن والسُّنة .
(30) المائدة : 2 .
(31) فصلت : 34 .
(32) آل عمران : 159 .
(33) المدّثر : 39 ـ 42 .
(34) الزمخشري ، الكشاف : 1874
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأسلوب النفسي لمكافحة الجريمة في القرآن الكريم *
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موقع القرآن الكريم كامل على النت
» حادثة حقيقية بالقرآن الكريم بخصوص مقتدى
» آداب قراءة القرآن
» الله الله في الرسول الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الإمام الرضا عليه السلام :: قسم جنة الله-
انتقل الى: