بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) في كتابه بحث حول المهدي عليه السلام في ص31 بعنوان كيف نؤمن بأن المهدي قد وجد،، وهذا نص كلام السيد الصدر (قدس سره):
ونصل الان
الى السؤال الرابع وهو يقول: هب ان فريضة القائد المنتظر ممكنة بكل ما تستنبطه من عمر طويل ومامة مبكرة وغيبة صامتة الامكان لايكفي للاقتناع بوجوده فعلا . فكيف نؤمن فعلا بوجود المهدي مهل تكفي بضع روايات تنقل في بطون الكتب عن الرسول الاعظم (ص) للاقتناع الكامل بالامام الثاني عشر على الرغم مما في هذا الامر من غرابة وخروج عن المألوف بل كيف يمكن ان نثبت ان للمهدي وجودا تأريخيا حقا وليس مجرد افتراض توفرت ظروف نفسية لتثبيته في نفوس عدد كبير من الناس ؟
والجواب: ان فكرة المهدي بوصفه القائد المنتظرلتغيير العالم الى الافضل قد جائت في احاديث الرسول الاعظم عموما وفي روايات ائمة اهل اتلبيت خصوصا ، واكدت في نصوص كثيرة بدرجة لا يمكن ان يرقى اليها الشك ، وقد احصى اربعمائةحديث عن النبي(ص)من طرق اخواننا اهل السنة(1) كما احصى مجموع الاخبار الواردة في الامام المهدي من طرق الشيعةوالسنة فكان اكثر من ستة الاف رواية (2) وهذا رقم احصائي كبير لايتوفر نظيره في كثير من قظايا الاسلام البديهية التي لايشك فيها مسلم
واما تجسيد هذه الفكرة في الامام الثاني عشر (عليه الصلاة والسلام ) فهذا ما توجد مبررات كافية وواضحة للقتنلع بها
ويمكن تلخيص هذه المبررات في دليلين احداهما اسلامي والاخر علمي
فالبدليل الاسلامي نثبت وجود القائد المنتظر وبالدليل العلمي نبرهن على ان المهدي ليس مجرد اسطورة وافتراض بل هو حقيقة ثبت وجودها بالتجربة التاريخية .
اما الدليل الاسلامي فيتمثل في مئات الروايات الواردة عن رسول الله (ص) والائمةمن اهل البيت (ع) والتي تدل على تعيين المهدي ولكونه من اهل البيت من ولد فاطمة ومن ذرية الحسين وانه التاسع من ولد الحسين وان الخلفاء اثنا عشر فان هذه الروايات تحدد تلك الفكرة العامة وتشخيصها في الامام الثاني عشر من ائمة اهل البيت وهي روايات بلغت درجة كبيرة من الكثرة والانتشار على الرغم من تحفظ الائمة (عليهم السلام )في طرح ذلك المستوى العام وقاية للخلف الصالح من الاغتيال او الاجهاز اتلسريع علةى حياته .
وليست الكثيرةالعديدة للروايات هي الاساس الوحيد لقبولها ، بل هناك اضافة الى ذلك مزايا وقرائن تبرهن على صحتها فالحديث النبوي الشريف عن الائمة او الخلفاء او الامراء بعده وانهم اثنا عشر اماما اوخليفة اوز اميرا على اختلاف متن الحديث في طرقه المختلفة قد احصى بعض المؤلفين رواياته فبلغت اكثر من مءتين وسبعين رواية مأخوذة منا شهر كتب الحديث عند الشيعة والسنة بما في ذلك البخاري ومسلم وزالترمذي وابي داود ومسند احمد ومستدرك الحاكم على الصحيحين ويلاحظ هنا ان البخاري الذي نقل هذا الحديث كان معاصرا للامام الجواد والامامين الهادي والعسكري وفي ذلك مغزى كبيرا لآبه يبرهن على ان هذا الحديث قد سجل عن النبي (ص) قبل ان يتحقق مضمونه وتكتمل فكرة الائمة الاثني عشر فعلا وهذا يعني انه لايوجد اي مجال للشك في ان يكون نقل نقل متأثرا بالواقع الامامي الاثني عشري وانعكاسا له لان الاحاديث المزيفة التي تنسب الى النبي (ص) هي انعكاسا او تبريرات لواقع متأخر زمنيا لاتسبق في ظهورها وتسجيلها في كتب الحديث ذلك الواقع الذي تشكل انعكاسا له ، فمكا دمنا قد ملكنا الدليل المادي على ان الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للائمة الاثني عشري امكننا ان نتأكد من ان هذا الحديث ليس انعكاسا لواقع وانما هو تعبير عن حقيقة ربانية ونطق بها من لاينطق عن الهوى فقال: ان الخلفاءبعدي اثني عشروجاء الواقع الامامي الاثني عشري ابتداءا من الاما علي وانتهاءا بالاما المهدي ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف
واما الدليل العلمي: فهويتكون من تجربة عاشتها امة من الناس فترة امتدت سبعين سنة تقريبا وهي فترة الغيبة الصغرى لتوضيح ذلكنمهد باعطاءفكرة موجزة عن الغيبة الصغرى :
ان الغيبة الصغرى تعبر عن المرحلة الاولى من امامة القائدالمنتظر (عليه الصلاة والسلام )فقد قدر لهذا الامام منذ تسلمه للامامة ان يستتر عن المسرح العام ويظل بعيدا عن الاحداث وان كان قريبا منها بقلبه وعقله وقد لوحظ ان هذهالغيبة اذا جاءت مفاجأة حققت صدمة كبيرةللقواعد الشعبية للامامة في الامة الاسلاميةلان هذه القواعد كانت معتادة على الاتصال بالامام في كل عصر والتفاعل معه والرجوع اليه في حل المشاكل المتنوعة فأذا غاب الاما عن شيعته وشعرو بالانقطاع عن قيادتهم الروحية والفكرية سببت هذه الغيبة المفاجأة الاحساس بفراغ دفعي هائل قد يعصف بالكيان كله ويتشتت شمله فكان لابد من تمهيد لهذه الغيبة لكي تألفها هذه القواعد بالتدريج و تكيف نفسها شيئا فشئا على اساسها لاوكان هذا التمهيد هو الغيبة الصغرى الذي اختفى فيها الامام المهدي عن المسرح العام غير انه كان دائم الصلة بقواعده وشيعته عن طريق وكلائه ونوابه والثقاة من اصحابه الذين يشكلون همزة الوصل بينهم وبتن الناس المؤمنين بخطه الامامي وقد شغل مركز النيابة عن الامام في هذه الفترة اربعة ممن اجتمعت تلك القواعد على تقواهم وورعهم ونزاهتهم التي عاشوا ضمنها وهم كما يلي :
1_عثمان بن سعيد العمري
2_محمد بن عثمان بن سعيد العمري
3_ابو القاسم الحسين بن روح
4_ابو الحسن علي بن محمد السمري
وقد مارس هؤلاء الاربعة مهام النيابة بالترتيب المذكور وكلما مات احدهم حلفه الاخرالذي يليه بتعيين من الامام المهدي(ع)..كان النائب يتصل بالشيعة ويحمل اسئلتهم الى الامام ، ويعرض مشاكلهم عليه ويحمل اليهم اجوبته احيانا وتحريريا في كثير من الاحيان وقد وجدت الجماهير التي فقدت رؤية امامها العزاء والسلوة في هذه المراسلات والاتصالات الغير مباشرة ولاحظت كل هذه التوقيعات والرسائل التي كانت ترد من الامام المهدي (ع) بخط واحد وسليقة واحدة طيلة نيابة النواب الاربعة التي استمرت حوالي سبعين عاما وكان السمري هو احر النواب فقد اعلن عن انتهاء مرحلة الغيبة الصغرى التي تتميز بنواب معينين وابتداءاالغيبة الكبرى التي لايوجد فيها اشخاص معينون بالذات للواسطة بين الامام القائد والشيعة بهذه العملية التدريجية عن الصدمة والشعوربالفراغ الهائل بسبب غيبة الامام واستطاعت ان تكيف وضع الشيعة على اساس الغيبى وتعدهم بالتدريج لتقبل فكرة النيابة العامة عن الامام وبهذا تحولت النيابة من افراد منصوبين الى خط عام وهو المجتهد العادل البصير بامور الدنيا والدين تبعا لتحول الغيبة الصغرى الى الغيبة الكبرى
والان بأمكن كان تقدر الموقف في ضوء ما تقدم لي تدرك بوضوح ان المهدي حقيقة عاشتها امة من الناس وعبر عنها السفراء والنواب طيلة سبعين عاما من خلال تعاملهم مع الاخرين ولم يلحظ عليهم احد كل هذه المدة تلاعبا في الكلام او تحايلا في التصرف او تهافتا في النقل فهل تتصور بربك ان بأمكان اكذوبة تعيش سبعين عاما ويمارسها اربعة على سبيل الترتيب كلهم يتفقون عليها ويظلون يعاملونعلى اساسها وكانها قضية يعيشونها بانفسهم ويروها بأعينهم دون يبدر منهم اي شيء يثير الشك ودون ان يكون بين الاربعة علاقة خاصة متميزة تتيح لهم نحوا من التواطؤ ويكسبون من خلال ما يتصف به سلوكهم من الواقعية ثقة الجميع وايمانهم بواقعة القضية التي يدعون انهم يحسونها ويعيشون معها ؟!
لقد قيل قديما ان حبل الكذب قصير،ومنطق الحياة يثبت ايظا ان من المستحيل علميا بحسب الاحتمالات ان تعيش اكذوبة بهذا الشكل وكل هذه المدة وضمن كل تلك العلاقات والاخذ والعطاء ثم تكسب جميع من حولها .
وهكذا نعرف ان ظاهرة الغيبة الاصغرى يمكن ان تعتبر بمثابة تجربة علمية لاثبات مالها من واقع موضوعي والتسليم بالامام القائد بولادته وحياته وغيبته واعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح ولم يكشف لاحد
انتهى كلام السيد محمد باقر الصدر والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وال محمد وعجل فرج قائم ال محمد
موضوع: محمد باقر الصدر يرد الدعاوى الظالة ويثبت وجود الامام المهدي(ع) 
الثلاثاء يوليو 21, 2009 3:42 am